بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
قمت بهذا البحث البسيط والمتواضع جدا للتعرف أكثر على الشخصية السيكوباتية و عمل حالة وهميه و طرق علاجها,
و سبب اختياري للحديث عن هذه الشخصية هو انتشارها في مجتمعاتنا بشكل يعتبر من وجهة نظري كبير, كذلك لملاحظتي أن من قاموا بشرح الشخصية السيكوباتيه يغلب عليهم الاتفاق بأنه لا يوجد علاج لهذا الاضطراب فالغالبية العظمى أجمعت على أنه لا حل لها وأنها داء بلا دواء ومنهم من أستدل بقصة سيدنا الخضر في قتله للصبي مبررا قوله بأن الصبي قد يكون ذو شخصيه سيكوباتيه لذلك جرى قتله لأنه لا سبيل في إصلاحه! ومنهم ايضا من أستدل بحديث رسولنا الكريم حينما قال: (في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان يقولون من خیر قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السم في الرمیة لا يجاوز إيمانھم حناجرھم فأينما لقیتموھم فاقتلوھم فإن في قتلھم أجر لمن قتلھم يوم القیامة) حيث فسر بأن المعني هنا الشخصية السيكوباتيه وأن هذا دليل عدم صلاحهم.
وجميع هذه التفسيرات أثارت دهشتي و تعجبي الشديد, ولذلك أردت استخدام هذا البحث كرد على ما ذكر من تفسيرات والتي من وجهة نظري المتواضعة أرى بأنها غير منطقيه ولا تمت للمنطق بصلة.
وتضمن بحثي المختصر تعريف شامل للشخصية السيكوباتيه و اسبابها و ملامح الشخصية و يتضمن أيضا حاله مع تشخيصها وكيفية علاجها و التقنيات المستخدمة والرد على من استدل بقصة سيدنا الخضر عليه السلام و حديث علي بن ابي طالب عن رسولنا الكريم, و أنهيت بحثي بخاتمه و فهرسة المراجع.
و أختم مقدمتي هذه بما ختم به الفيروز أبادي كتابه: (( و الله أسأل أن يثيبني به جميل الذكر في الدنيا و جزيل الأجر في الأخرة, ضارعا إلى من ينظر من عالم في عملي أن يستر عثاري و زللي, و يسد بسداد فضله خللي, و يصلح ما طغى به القلم, و زاغ عنه البصر, و قصر عنه الفهم, و غفل عنه الخاطر, فالإنسان محل النسيان, و إن أول ناس أول الناس, و على الله تعالى التكلان)).
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
ماهي الشخصية السيكو باتيه Psychopathic Personality :
جاءت تسميته ب: psychopathic كلمة psycho مأخوذة من النفس و pathic من الامراض (pathology)
ويتم تعريف هذا الاضطراب علميا و باختصار شديد بأنهم فئه من الناس تعاني صعوبات في التوافق الاجتماعي و الانفعالي .
و بشكل عام الشخصية السيكوباتيه هي أكثر الشخصيات تعقيدا و صعوبة في التعرف على صاحبها حيث أنهم يجيدون التمثيل كما أن لهم القدرة على التأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم و يتميزون بعذوبة الكلام و الوعود الكاذبة و يبهرونك بلطفهم وقدرتهم على استيعاب أمامهم و مرونتهم في التعامل و شهامتهم الظاهرة أي انك ترى شخصيه طبيعية ناجحة ودوده ولكن تاريخه مليء بالتخبط و الاضطرابات و الافعال اللا أخلاقية و بالفشل ( الاجتماعي ) حيث أن بعضهم يصل أحياناً إلى أدوار قيادية في المجتمع نظراً لأنانيتهم المفرطة وطموحهم المحطِّم لكل القيم والعقبات والتقاليد والصداقات في سبيل الوصول لمراده ,هي شخصية لا يهمها إلا نفسها وملذاتها فقط.
أصحاب هذه الشخصية يتلذذون بالحاق الاذى بمن هم في محيطهم في حال لاحظوا بأنك عقبه في طريقهم او لا تخدم حاجتهم دون الشعور بأي ندم نأخذ مثال بسيط للتوضيح:
كـأن يكون صديقك المقرب لك في بيئة عملك سيكوباتي دون ان تلاحظ ذلك بتاتا عندما يلاحظ بأنك قد تتفوق عليه في العمل يقوم باستبعادك ومحوك بشكل كامل قد تصل جرائمهم حد القتل دون الشعور بالندم او الحزن او غيره .
أنماط الشخصية السيكوباتية:
لقدتم تصنيف الشخصية السيكوباتية الى صنفين وهما:
1. سيكوباتي متقلب عاجز:
وهي تماما كالشخصية العاجزة ولكن يزيد بأنه أناني (مفرط) كثير المشاجرات و المشاحنات غير مستقر ومتعدد الانفعالات.
2. سيكوباتي عدواني متقلب الانفعال:
قد يدوس على كل شيء في سبيل تحقيق ما يريد، بما في ذلك القتل، ولا يهمه مصائب الآخرين أبداً ما دام بعيداً عنها، وله ذكاء خاص يتحايل به، وقد ينجح بعض هؤلاء في الوصول إلى بعض المناصب الكبيرة نظراً لانتهازيتهم وذكائهم الذي لا يعبأ بأي خلق ولا يتورع عن أي عمل يوصله لما يريد.
الملامح الأساسية للسيكوباتية :
* ضعف الضمير و اختفاء مشاعر الذنب و الفشل في اكتساب الضوابط الداخلية
* البطء في بعض أنواع التعلم خاصة التعلم الذي يحتاج للوعي بمعايير اجتماعية
* مواجهة الاحباط بالاندفاع و العدوان دون حساب النتائج
* ضعف المشاركة الوجدانية والعجز عن تقدير مشاعر الاخرين
أهم الملامح الأساسية:
* فقدان الضمير ( الأنا الأعلى ) وهما مظهران:
أ- عدم القدرة على تطبيق الاحكام الخلقية السائدة في مجتمعه على سلوكه.
ب- عدم الشعور بالذنب.
* عدم النضج الانفعالي و التركيز حول ذاته حيث أن السيكوباتي من الناحية الانفعالية يتسم بفجاجة الانفعال وهي سمة انفعاليه طفليه تتفق مع الاطفال وفق مبدأ اللذة .
* عدم وجود خطة طويلة الأمد للمستقبل حيث يعيش في الحاضر لأنه عاجز عن التطلع الى المستقبل.
* العجز عن الحب و الارتباط العاطفي.
* ضعف شديد في الاستبصار .
* شخصيه غير سوية.
* المستوى الذهني عادي او فوق المتوسط (ليس جميع السيكوباتيين حيث أن الغالبية العظمى تتمتع بدرجة ذكاء عالية جدا).
وذكرت الجمعية الأمريكية للطب النفسي بأن الشخصية السيكوباتيه تتميز بعدم القدرة على التكيف وانعدام الثبات الاجتماعي و المشاركة الوجدانية وانخفاض القدرة على التحمل وكذلك يتمتع باللا مبالاة و السلبية وهو بعيد كل البعد عن متطلبات الصحة النفسية التي اولها التوافق المشروع مع ذاته و بيئته وهو عدو لدود لكل ما يحيط به لا يردعه وازع من الضمير او عقاب يفرضه القانون وخطورته ليست على ذاته و انما على الاخرين بالغالب بدون ارادته ,يفتقر الى الذكاء الأجتماعي, هو لا يعاني اعاقه عقليه او جسميه وهو اقرب الى المضطربين منه الى المجرمين.
أسباب نشوء الشخصية السيكوباتية :
* عوامل وراثية
* عوامل نفسية حيث يكون توقف عند مرحلة الهو والتي تمنع تكون الانا الاعلى.
* عوامل عضوية كوجود عاهات جسميه تجعله يحاول الانتقام.
* اساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة.
ويعد السبب الرئيس لنشوء الشخصية السيكوباتيه هو مرض (كما تصح تسميته) في نمو المخ , اثناء نمو المخ يتوقف النمو في منطقة المشاعر و الانفعالات أي انه لا يتطور بالصورة اللازمة وكذلك في دراسة حديثة عن دور الجين الخاص بتكوين الانزيم مونوأمين Monoamine oxidaze (MAOA) ويطلق عليه ( الجين القاتل) حيث أن انخفاض نشاط الجين (MAOA ) يؤدى الى اختلال انزيم مونوأمين حيث أن وظيفته هي هدم الناقلات العصبية ( السيروتونن – الدوبامين – النور بنفرين ) وذلك لتنظيم عملهم . وقلة النشاط MAOA يؤدى الى نمو السلوك السيكوباتى Psychopath ويتضح مع السلوك السيكوباتي أيضا قلة في نشاط الفص الجبهي ( وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات ) و منطقة اللوزة amygdala ( هي المسؤولة عن الانفعالات).
إحصائيات :
وتشير الاحصائيات بأن واحد من كل مائة شخص هو سيكوباتي أي لو كان لدينا على سبيل المثال 1500 شخص سيكون 15 من بينهم سيكوباتي علما بان هذا الرقم يرتفع الى 4 بالمائة من المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال.
وفي دراسه أخرى وجدت اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بنسبة 3٪ إلى 30٪ من عدد مرضى العيادات الخارجية للأمراض النفسية.
وذكرت مراجعة مطبوعات الدراسات التي أجريت عن الاضطرابات العقلية لدى السجناء في عام 2002 بأن 47% من السجناء الذكور و21% من السجينات لديهم اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع.
وكذلك ذكرت دراسة أمريكية أقيمت للمساجين مؤخرا بأن 25% من الرجال (بالسجون) سيكوباتيين و تبلغ نسبة النساء ذوات الشخصية السيكوباتيه (بالسجون) 17%.
وفي دراسة ل(هير عام 1938)، وجد ارتفاع نسبة الإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بين المرضى المسجلين في برامج معالجة الإدمان على الكحول أو المخدرات الأخرى من عموم السكان مقترحا بذلك علاقة ما بين اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والإدمان على الكحول والمخدرات الأخرى وأتباعها.
وفي دراسة اجرتها جامعة كولورادو سبرينغز لمقارنة اضطرابات الشخصية مع مؤشر انواع الشخصية ل مايرز بريجز وجدت ان الاضراب له ارتباط كبير مع الشخصيات التي تحمل سمات تفضيل الحدس (N)، التفكير (T)، والإدراك .(P)
} أذا نستفيد من جميع الاحصائيات السابقة بأن الشخصية السيكوباتيه شخصيه إجراميه على الاغلب الا في حالة أنه حدث تدخل من الصغر فتم تغيير السيكوباتيه الإجرامية الى سيكوباتيه ابداعيه.
وهذه الشخصية تتمثل في اغلب السياسيين و المجرمين كالقتلة المحترفين ولكن يجدر التنويه بأنه ليس كل مجرم سيكوباتي .{
دراسة الحالة
معلومات أولية :
الاسم : م. ع . العمر: واحد و عشرون سنة .
الجنس: ذكر. تاريخ الميلاد: 3/4/1995
الجنسية: سعودي. تاريخ التشخيص: 4/3/2016
عنوان السكن: ح . ج.
مصدر الإحالة: الوالدين.
سبب الإحالة: السرقة والتخريب المتعمد والعنف و التصرف بعدوانية وتكرار الانخراط في المشاجرات.
الأسئلة التشخيصية:
* وصف لشخصيته و طريقة تعامله في المنزل ومع أقرانه خارج المنزل أيضا؟
طريقة تعامله عنيفة جدا و أناني بشكل مفرط يتصرف بقسوة مع أخوانه غير مطيع للأوامر لا يحترم الاكبر منه سنا وكثير المشاكل و المشجرات خارج المنزل.
* منذ متى بدأت الحالة العدوانية؟
من الصغر ولكن زادت هذه الحالة عند بلوغه الخامسة عشر من عمره وأصبحنا نلاحظها بشده في تصرفاته وانفعالاته.
* هل يميل الى معارضة القوانين والأنظمة؟
نعم وبشكل صريح.
* ينتقد العادات و التقاليد و يخالفها؟
نعم, كثير الانتقاد للعادات والتقاليد ومخالف لها .
* هل يعتذر عن أخطائه ؟
أبدا, لا يرى أنه على خطأ.
* سبق و أفصح عن شعوره بالندم على عصيانه و أفعاله المخالفة؟
لا, حتى عند تعامله بقسوة مع أخوته الاصغر منه سنا لا يشعر بالشفقة تجاههم والندم .
* كيف هو انطباعه و انفعاله بعد قيامه بأي عمل أو مشاجره؟
مثلما لو كان يشعر بالرضا او الانتصار.
* هل يهتم لشعور الأخرين تجاهه و انطباعهم عن أفعاله ؟
لا, لا يهمه رأي أحد بتاتا.
* علاقاته الاجتماعية هل هي جيده ؟
علاقاته كثيره ولكن تنتهي علاقاته دائما لا توجد لديه علاقه واحده مستمرة حتى الان.
صياغة الحالة:
الحالة (م.ع) يعاني من اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع (السيكوباتية) psychopathic personality
درجاتها حسب معيار هير للسايكوباثية (PCL-R) Hare Psychopathy Checklist
ويصاحبه اضطراب القلق المعمم, بسبب تاريخ سابق من الاهمال و الإساءة الجسدية في الطفولة.
التشخيص حسب DSM-IV-TR:
المحور الأول: اضطراب القلق المعمم Generalized Anxiety Disorder (F41.1).
(Z62.810) قصة شخصية( تاريخ سابق) للإساءة الجسدية في الطفولة.
(Z62.812) قصة شخصية (تاريخ سابق) للإهمال في مرحلة الطفولة.
Z72.811)) السلوك المعادي للمجتمع عند البالغ.
المحور الثاني: اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع (F60.2) Antisocial Personality Disorder »التشخيص الأساسي«
المحور الثالث: لا يوجد None
المحور الرابع: (Z62.810) قصة شخصية( تاريخ سابق) للإساءة الجسدية في الطفولة.
(Z62.812) قصة شخصية (تاريخ سابق) للإهمال في مرحلة الطفولة.
المحور الخامس: 41 – 50 .
الطرق العلاجية Modality Treatment :
* علاج معرفي - سلوكي فردي في البداية.
* يتبعه علاج عائلي therapy Family.
* علاج نفسي جمعي Group Psychotherapy .
تكرار العلاج Frequency Treatment :
* جلسات علاج معرفي– سلوكي فردي أسبوعية (جلسة كل أسبوع)
* متبوعة بجلسات علاج عائلي أسبوعية (جلسة كل أسبوع)
* جلسات العلاج النفسي الجمعي أسبوعيه (جلستان كل أسبوع)
مدة العلاج Duration Treatment :
* من 14 الى 18 جلسة علاج معرفي – سلوكي فردي.
* يتبعها 10 الى 13 جلسات علاج عائلي.
* وجلسات علاج نفسي جمعي 48 جلسة ( من 6 أشهر الى سنه ).
التدخلات العلاجية Interventions Treatment:
1- التقييم Assessment:
* إجراء تقييم معرفي و سلوكي و بين–شخصي Interpersonal ،بما في ذلك استخدام قائمة ليهي
للقلق Leahy Anxiety Checklist for Patients)).
* تطبيق اختبارات و أدوات تقييم أخرى، بما في ذلك مقياس بيك للقلق و مقياس هير للاعتلال النفسي.
* تقييم مدى الحاجة للأدوية النفسية.
2- التثقيف العلاجي Socialization to Treatment:
* إعلام العميل بتشخيص مشكلاته.
* شرح و توضيح عمليات العلاج المعرفي السلوكي للعميل.
* توضيح أهمية العلاج النفسي الجمعي وبنيته للعميل.
* شرح مبررات و دواعي استخدام التدخلات العلاجية المختارة.
3 - إعادة تشكيل البنية المعرفية Restructuring Cognitive:
* مساعدة العميل على تحديد و تقييم الأفكار التلقائية و المعتقدات الوسيطة و المعتقدات الأساسية
* السجل اليومي للأفكار record thought Daily.
* العلاج بالدلالات اللفظية Semantic Therapy.
* العلاج الموجه بالاستبصار Insight Oriented Therapy.
4 – التدخلات العائلية Interventions Family:
* تدريب أفراد العائلة على الانتباه للجوانب الإيجابية في بعضهم البعض، و تسميتها و تعزيزها.
* التدريب على التوكيدية الإيجابية Assertiveness Positive.
* التدريب على إجراءات الوقت المستقطع Time - out، و مهارات التوجيه الذاتي للتحكم بالغضب
Self-instructions for anger.
5 – العلاج الجمعي النفسي Group Psychotherapy:
* التمثيل الاجتماعي المسرحي Sociodrama.
* جماعة المواجهة .Encounter Group
* العلاج الجمعي السلوكي behavioral group.
6 – العلاج المصاحب Therapy Adjunct:
* يبقى العلاج الدوائي خيار وارد إذا لم يستجب العميل لجلسات العلاج المعرفي – السلوكي و الجمعي على النحو
المرغوب.
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله " لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله " أي أن الله لم يضع داء الا وكان هنالك طريقه للشفاء منه , كل شيء في هذه الحياه له حل وله علاج عدا الموت. وبهذا أقول أني أملك الايمان الكامل بوجود طريقة علاجية للشخصية السيكوباتية والتي قيل عنها في أغلب الدراسات وليست الكل, بأنه لا علاج لها أبدا.
وقد صنفت تحت نظريات عديده منها نظرية العالم الإيطالي تشيزري لومبروزو (الرجل المجرم) والذي ذكر وشدد فيها بأنهم يخلقون مجرمين ولا سبيل للإصلاح او العلاج و بأن كل الشخصيات السيكوباتيه اجراميه .
سبق وذكرت بأن لكل داء دواء , وهذا اضطراب أي أنه داء ولم يضعه الله الا وكان هناك طريقه للشفاء منه, و إن لم يكن هنالك سبيل للشفاء فالحد من مخاطرة , وكون أنه يتم تفسير بأن هذه الشخصية شخصيه اجراميه لا صلاح لها فأنا أختلف تماما فليس من المنطق أن يخلق الانسان مجرما بالفطرة وانما هنالك خلل ومن المنطق ايضا بأنه عندما يكون هنالك خلل ما أذا فهنالك طريقه لإصلاح هذا الخلل.
وهنالك سبل عديده للإصلاح و الوقاية كذلك , من أهمها العلاج النفسي الجمعي, و أن تم اكتشاف الشخصية مبكرا وفي سن صغيره فإمكانية شفائها ترتفع الى نسبة 80% .
أما بالنسبة لقضية قتل الصبي في حادثة سيدنا الخضر عليه السلام , فإن شريعة الخضر -عليه السلام- تختلف عن شريعتنا، وتختلف عن شريعة موسى-عليه السلام وفساد الابن وصلاح الأبوين ليس سببا للقتل في شريعتنا ولا في شريعة موسى، وإنما كان ذلك في شريعة الخضر، وبأمر من الله تعالى و لا شك أن ما جرى كان بأمر من الله تعالى ولحكمة أرادها؛ ولذلك قال العبد الصالح: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي. {الكهف:82}. فهو- سبحانه وتعالى- الذي أمر الخضر بقتل الغلام، كما أمر بعض ملائكته بنفخ الروح فيه أولا؛ فله الحكم وإليه الأمر؛ يأمر من يشاء من عباده بتنفيذ ما يشاء من أوامره، وهو القادر على أن يحيي من يشاء ويميت من يشاء بدون سبب أو واسطة. لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. لذلك نقول إن هذه المسألة من مسائل القدر الذي لا ينبغي الخوض فيه؛ فالقدر- كما قال العلماء- سر الله في خلقه، لم يُطلع عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلا, وليست دليلا على عدم صلاح الشخصية السيكوباتيه .
أما بالنسبة لمن أستدل بحديث رسولنا الكريم فكان المقصود بالحديث الخوارج وتحديدا عند اللقاء أي في الحرب وعندما يتواجه الفريقان للقتال وليس المقصود هنا قتل من تشكك في صلاحهم وهم الشخصية السيكوباتيه, والمذكور نصا هو في حالة الحرب .
" اﻟﻘﺘﻞ ھﻮ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺮادﻋﺔ ﻟﮫﻢ وﻟﻤﻦ ھﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺘﮫﻢ ولدرأ الضرر الذي قد يصیب المجتمع لو كان ھناك تھاون في قیام الحد علیھم لأنھم يعتبرون مفسدون في الأرض ، وجزاءھم مذكور نصاً في القرآن ."
هذا النص مقتبس من رأي الاستاذ علي راجح بركات في الشخصية السيكوباتيه وكان مستندا على قصة الخضر و الحدود الشرعية في قطع يد السارق و غيرها من الأدلة التي ومن وجهة نظري أنه من الخطأ أن يتم الاستدلال بها للحكم على
الشخصية السيكوباتيه فلكل دليل قصه وحكمه وراءه وليست حصرا على هذه الشخصية ولا يجب علينا تأويلها حسب رأينا دون أن نخوض في قصة و حكمة كل دليل ,ولماذا ذكر وما سبب الذكر .
وقبل الختام أود أن أطرح رأيي في هذه الشخصية :
أرى بأن الشخصية السيكوباتيه تتكون في حال توافر عدة عوامل , البيئية الاجتماعية النفسية الفسيولوجية.
أي بأنه أن كان هنالك استعداد وراثي لدى الطفل ولكن التنشئة الأسرية و البيئية و الاجتماعية كانت جيده اذا لن تتكون لديه شخصيه سيكوباتيه, الشخصية السيكوباتيه هي نتاج تراكم اضطرابات نفسيه لدى الطفل فبالتالي تتحور في شخصيه سيكوباتيه , ولهذا تكون الشخصية غير مسؤوله ويجب أن تتعرض لفترات طويله من العلاج النفسي ولا يقتصر العلاج فقط على ما هو ظاهر من هذه الشخصية بمعنى أصح أن لا يتم علاجها كشخصيه سيكوباتيه بل يتم التطرق بالعلاج الى الاضطرابات الاخرى , ويجب أن لا يقل علاج هذه الشخصية عن سنه كامله , و أثق تمام الثقة بأنه بالإضافة الى العلاج الديني سوف يكون هنالك وازع لهذه النفس البشرية , فليس هنالك إنسان بلا وازع.
الخاتمة:
وفي النهاية لا أملك إلا أن أقول أنني قد عرضت رأيي وأدليت بفكرتي في هذا الموضوع لعلي أكون قد وفقت في كتابته والتعبير عنه وأخيراً ما أنا إلا بشر قد أخطئ وقد أصيب فما هذا الا جهد مقل ولا ندعي فيه الكمال ولكن عذرنا انا بذلنا فيه قصارى جهدنا فان اصبنا فذاك مرادنا وان أخطئنا فلنا شرف المحاولة والتعلم
ولا نزيد على ما قال عماد الاصفهاني:
رأيت انه لا يكتب انسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ولو ترك هذا لكان اجمل وهذا من اعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر..
وأخيراَ بعد أن تقدمنا باليسير في هذا المجال الواسع
آملين أن ينال القبول ويلقى الاستحسان..
وصل اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فهرس المراجع
1. الطب النفسي المعاصر أ.د. أحمد – طارق عكاشة
2. الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطرابات العقلية DSM-5
3. الطب النفسي المبسط د.جيمس ويليس , د.جون ماركس ترجمة طارق الحبيب
4. القرآن الكريم
5. تفسير القرآن العظيم لأبن كثير
6. فتح القدير
7. صحيح البخاري
8. صحيح مسلم
